نص ازدان به متصفحي وقصيدتي( الرحى ) ..دُعيت للسياحة في جسد قصيد للشاعر الألق حسن ابراهيم سمعون(سَغبُ النطع)لم أتمالك نفسي لأن أرتمي ولو للحظات بين ثنايا نصه الباذخ..أعقبتُ كل مقطع بلحظة تأمل بكثير من الحزن والدهشة !!
يستهل السمعوني الدمشقي قصيده بقوله:
في سردابٍ يَـتمطـّى
صوبَ الحِـبر ِالأصفر ِمـُنحدرا ً
ليُسامرَ ساحاتِ الرومان ِ...
وإبهام َالقيصرْ
مازالت ثـَمـَّة َمطحنة ٌ
ويـُدوّرها الورقُ الأخضرْ
فرَحاها تـَلهثُ في صَـلف ٍ
لتـُجالـد َأحلاما ًسِـيقـتْ*
برِهان ِالرقِّ أو الأبهـرْ
وعـَلا صوتُ الطحّان ِينادي :
ياقـمحيْ
نـَصبَ القاضي قوسا ً
وبلا ثوبٍ
جَـلـَسَ الطحـّا نُ بدون ِرَحىَ
فـَـتعالتْ ثمــّة َ جَعْجـَعـَة ٌ
وخِـوارُ ( السوس ِ) الضّاربِ في الـتــّـقـويم ِالمَطحـون ِ
قـَرأ القا ضيَ شِعراً
اقـطـعْ رأسـهُ يا( مسرورٌ)
وإذا أحـْـناهُ
امنحـْـهُُ ألفيّ دينار ٍ
فَـهــوى (الجـَلـّيسُ)بمطرقـةٍ
ألـِفـَتْ سِندانَ غـُبا ر ٍ مَسْـنون ِ
هَر ِمَتْ مَعَـه ُأنـّا تٌ....
تـَـتـَرجـَّى الصََّيحة َبا لحـيـن ِ
المشهدالأول..أخّاذ أخّاذ.. ساحات الرومان..هذه المسارح الواسعة التي كانت للتلذذ بمشاهدة المتصارعين من أجل البقاء..هي رحى كبيرة تطحن كل شيء..القاضي ..قد يكون الحاكم أو الزمن بمطارقه وسندانه..قد يكون ظرفناالذي نعيش ؟؟!! لا يأمر إلا بقطع الرقاب ..ووضع نهايات للأحلام !!
***********
ثم يقول:
جاءَ السيـّا فُ برأسيَ في طـَـبَـق ٍ
يَـتوسَّط ُ أوراقي البيضاءَ
....ودَحْـرجَـهُ قـَر ِفا ً
في حَضْرَةِ ساقـيـن ِ
فتعانقَ وجهيَ والطـّين ِ
نَهَـشَ الأرض َالـثـــّكلى
واند َسّ تـرابٌ في أنـفيْ
يستـنزفُ أوداجا ًعـَطشى
رَكَـلوا رأسيْ
قــُلـِبـَتْ عــينايَ نحـوَ الأعلى
لاحَـتْ في الأفـُق ِالأدنى
أسراب ُ طيور ٍ
من تـَحْــوام ِ جــوارحِـها
وتناهي صوتُ السّبع ِ في سَمَعي
أيقـنـت ُهـوَ جَسدي
مابين مخالبها يُـطـهى
بالـحَـرِّ هُنا كَقــَرَى
سَغـَبَ النــّـطع ِ
خـَفضَ الإبهامُ إشارتــَهُ
لـيُـبددَ آخـرَ صرخةِ حـِـبر ٍ
في قـلمي
فــلساني َسلـّوه ُ ليلا ًً
قـبـلَ الـقـطع ِ
أخـذ وا مـنهُ العـهـدَ الـشّرعي
فـتـعـضّى نـَعـَما ً
كالـعـقـل ِالمَصلوبِ على
نـصْـف ٍ سُـفـلي
لا يُعرفُ إلاّ بالأكـل ِ
وطقـوس ِ الجـيـفـةِ والضبع ِ
المشهدالثاني.. رائع رائع حد الدهشة !! يشعر صاحبي ويسمع ويرى حتى بعد قطع رأسه !! هل ذلك القابع في أعماق من يرى ذلك المشهد هو الذي يتكلم؟ هل هل نبض القتيل موزع بين ضلوعنا ؟ نحسه ..نشعر بوخزه؟! هل نحن ذلك المقطوع رأسه؟ !!
********
ويواصل:
من فِـتـق ٍفي أ ُنسيّ العـيَـن ِ...
وخـَط ِّ الـفـَصْل ِ اللامرئيّ
عـَن الحـيـوانْ
انْسـَلــّّتْ روحيَ هائمة ً
تستجدي وطنا ً أو لحـدا ً
حُـلمٌ بالد ّفــن ِ يُساورُها
وحـروفِ الشاهـدِ والرّيحـانْ
قـَـبرٌ في وطن ٍ
أو وطنٌ في قبر ٍ
فـَهُـما ِسيّــانْ
المشهدالثالث..مفصل شجي حزين.. تساؤل العارف واستفهام فيلسوف !! كلنا غرباء .. كلنا بلا وطن أو أوطان من دوننا.. حينما تشعر بالاغتراب في داخلك الإنسي والطيني وخارجه تنعدم الجاذبية فلا فرق بين الأجسام واللاأجسام ..سيان عندالمرء حينها سيان !!
ثم يختم قصيده فيقول:
مازالَ الـرأسُ لـَصيـقَ الأرض ِ....
بـِطائـِلـَة ِالـقـَد مـيـن ِ
ثانـية ً رَكـَلوه ُ
فارتـد ّالبـصرُ المحسورُ بلا عـيـنـين ِ
سُفـليا ً هـَذي المرّه ْ
غابَ الأفـقُ المَحشورُبسا قـــيـن ِ
وبـِقـوَس ِ الـرّؤيا والذ ّكـرى
أحـــلامٌ قـا بَالـنــّعــْـلـيـن ِ
والمشهدالرابع وتر حزين إلى درجة دون النعلين ! كيف لا وهذا الرأس يحوي أحلاماوأفكارا أكبر من ساحاتهم وأخطر من بطشهم... نصدم كل يوم وتُقذف رؤوسنا وهي علينا ...
لا نور للقلم الأخضر..
في سردابٍ يَـتمطـّى
صوبَ الحِـبر ِالأصفر ِمـُنحدرا ً
ليُسامرَ ساحاتِ الرومان
وإبهام َالقيصرْ !!!
بدون مجاملة..النص باذخ كثير التأويل !! فيه من الأسرار ما يخيف ، ومن السحر مس وطيف ، ولا يسعني إلا أن أرفع قبعتي لشاعر يصدم حتى قوافيه ويفاجئ جمالها البريئ...أنا مثلك أمقتُ الورق الأصفر ..